لا ينفك الحوثيون عن إعلان تمسكهم بالنظام الجمهوري والديمقراطية ودولة المؤسسات، وفي ذات الحين يحاولون إقناع اليمنيين بأن نظام الولاية خير نظام ابتكرته البشرية، وأن ولايتهم هم وهم تحديدا دون غيرهم، ما هي إلا تنفيذ لإرادة الله تعالى وأوامره القاضية بإذعان البشرية لهوسهم بالتسلط، ولاستعباد الخلق وإذلالهم، ولجشعهم الجم للمناصب والثراء والوجاهة، على حساب كل من لا ينتمي إلى نسلهم المختار..!!
لن أتحدث عن تناقض طرحهم وتضارب أفكارهم، فذلك أمر أصبح الحديث عنه من نوافل القول والفعل، وبالتالي لا بد أن يكون في أطراف الاهتمام، إن لزم حضوره.. وذلك لكثرة ما تم الأخذ والعطاء والإيضاح والتبيين حول تناقضات هذه الجماعة الإرهابية المتمردة، التي تحاول أن تطوي مسلمات الحياة والفطرة ورؤى الدين والعدالة طوي الحديد الصلب بأصابع ملساء..!!
ولكن ما يجب طرحه والتساؤل حوله لا بد أن يكون على جانبين رئيسيين ومهمين، وإن بدا متشعب الأسئلة الجانبية.. أول ذينك الجانبين: هل بالفعل لا يزال هناك في صفوف الشعب من يصدق طروحات وخرافات هذه الجماعة المتطرفة..؟! ومن يؤمن بأن لديها ما يمكن أن يكون فيه صالح لعامة الخلق، وتحديداً لأبناء الشعب اليمني..؟! ومن لم يكتشف بعد كارثية ما تحاول أن تقدمه هذه الجماعة من مشروع استئثاري استيطاني بغيض..؟!
أما الجانب الثاني فيتعلق بالطرف الآخر لهذه الجماعة، والمتمثل في الشرعية وكامل قواها، أولاً فيما إذا كانت طرفاً آخر بمعنى الندية والضدية، أم طرفاً آخر بالمعنى الشكلي الذي يقبل دور الممثل الكومبارس الموازي، ويتقبل وصف الشيطنة والظل الأكثر سواداً من عتمة الشيطان الحقيقي المتواجد على خشبة الواقع..؟! وبالصريح الواضح ما إذا كان ذلك الطرف لا يزال طرفاً حقيقياً أم مجرد نقطة يشار إليها في الفراغ..؟!
عقد من الزمن مضى واليمن يتلقى عقوبة، لا يعلم بأي جريرة يتلقاها..!! فقط وجد نفسه في ليلة وضحاها يتجرع الحياة كؤوساً مرةً من التشرد والجوع واللا أمان.. من التمزق والشتات والبؤس ومن الجور الذي لا يمكن لبشر احتماله، بين طرفين، هما الخداع في أصدق صوره، يتناوشانه ويمزقانه وكأنه مجرد فريسة ضالة في بر مقفر، أحاطت بها الخيانات في أشد كيفياتها، فوجدت نفسها فجأة وحيدة طريدة تواجه الموت دون حجب أو سواتر تحتمي بها..!!