كشف صندوق النقد الدولي أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لليمن سجل نموًا بنسبة سالب 1.5% عامي 2024 و2025، متوقعًا ارتفاعه إلى صفر في المئة عام 2026 و0.5% عام 2030.
وأوضح في تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي: الشرق الأوسط وآسيا الوسطى" الصادر في 21 أكتوبر أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجلت نموًا في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2.1% و3.3% عامي 2024 و2025 على التوالي، فيما توقع نموًا بنسبة 3.7% في 2026 و3.6% في 2030.
وقال التقرير الذي اطلع عليه "اليمن اليوم" إن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان واقتصادات منطقة القوقاز وآسيا الوسطى لا تزال عرضة لمخاطر تجدد التوترات الجغرافية- السياسية وتزايد وتيرة الصدمات المناخية وحدتها، ما قد يؤدي إلى تعطيل النشاط الاقتصادي وتقويض الاستقرار.
وشدّد التقرير على أن التعافي الاقتصادي من الصراعات يحتاج إلى أكثر من مجرد السلام، إذ يتطلب سياسات شاملة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، وإعادة بناء المؤسسات، وتوفير الموارد اللازمة لإعادة الإعمار.
وقال إن الشواهد المستمدة من التحليلات الإحصائية ودراسة حالات التعافي بعد الصراع في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى توضح ثلاث أولويات هي الاستقرار الاقتصادي الكلي العاجل، والحصول على التمويل، وقوة المؤسسات والحوكمة.
وهذا الشهر أعلن صندوق النقد الدولي استئناف مشاورات المادة الرابعة مع اليمن بعد توقف دام 11 عامًا.
وأدى النزاع الذي بدأ في عام 2014 إلى توقف ترتيب تسهيل ائتماني ممدد مدته ثلاث سنوات، وتعليق إعداد المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وتعطيل وضع السياسات. وبدعم من القدرة المؤسسية المعززة وتوافر بيانات أفضل، استؤنفت مشاورات المادة الرابعة مع اليمن.
وتركت سنوات من الحرب التي أشعلتها الميليشيا الحوثية، اليمن واحدًا من أكثر بلدان العالم هشاشة، حيث يواجه أزمة إنسانية حادة وضعف كبير في الاقتصاد الكلي.
وأكد البيان الختامي الصادر عن بعثة صندوق النقد الدولي أنه على مدار العقد الماضي، انكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو 27%، وتراجع متوسط دخل الفرد، وأدى انخفاض قيمة العملة والتضخم إلى كبح الدخول الحقيقية.
وبعد أن أوقفت هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية صادرات النفط في عام 2022، أصبح اليمن مستوردًا للنفط.
وتصنف الأزمة الإنسانية في اليمن من بين أسوأ الأزمات في العالم، حيث يحتاج أكثر من نصف السكان إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وقد تسبب النزاع الدائر في انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع، ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة، وتفشي الأمراض، ونزوح جماعي للأسر، ما ترك الأطفال على وجه الخصوص معرضين للخطر. وعلى الرغم من تقديم المنظمات الدولية والشركاء الثنائيين للمساعدات، إلا أن حجم الأزمة يفوق الموارد المتاحة.
وركّز صندوق النقد الدولي في بيانه على أن اليمن سيحتاج إلى إصلاحات هيكلية هائلة لإطلاق إمكاناته الاقتصادية.
وتتضمن الأولويات في هذا الصدد تعزيز المؤسسات لتحسين الحوكمة.
وإلى جانب تشديد سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يقتضي ذلك تحسين إدارة المالية العامة عبر تنفيذ ضوابط على الإنفاق عبر القطاع العام، وتطبيق حساب الخزانة الموحد، وتحسين الشفافية والمساءلة في المجال الضريبي والجمركي. ومن شأن الحد من الحواجز أمام أنشطة الأعمال وتسهيل التصدير أن يدعما توفير المزيد من فرص العمل.
ومن خلال إصلاحات قطاع الكهرباء، بما في ذلك بناء الطاقة المتجددة وتطوير شبكة النقل والتوزيع، سيتسنى تعزيز توفير الكهرباء وتحسين آليات تقديم الخدمة، وفقًا لبيان الصندوق.
كذلك، يساهم تعزيز الحوكمة في زيادة ثقة المستثمرين وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبالتالي تحسين الآفاق على المدى المتوقع. واعتبر صندوق النقد الدولي أن هذه الإصلاحات ضرورية للتعافي الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، وستساهم في نهاية المطاف في تحسين رخاء جميع مواطني اليمن، بشرط تحقيق الاستقرار السياسي وتوافر الدعم الخارجي.