آراء

إنا لمغبونون..!!

وسام عبدالقوي

|
قبل 5 ساعة و 7 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

لم يفضل الله علينا الخلق في شيء، ولم يحرمنا من شيء مما أعطى سوانا من البشر.. لنا قلوب وعقول وبأس وقوة كغيرنا.. بل على العكس زادنا بأرض وسماء وماء وممكنات تكفي لأن نعيش ومعنا بلدان وأكثر وشعبان وأكثر في نعيم نحسد عليه، كما نحسد ونغبط الآخرين الآن..!!

نطل برؤوسنا من أبواب منازلنا وكلنا مخاوف واحتمالات، أبسطها ألا نعثر على زادنا وزاد من نعول في يومنا التالي، وأبشعها وأكثرها إلحاحاً ألا تعود هذه الرؤوس إلى أماكنها ذات مساء.. أصبح لا فرق بين حياتنا وحياة الغاب، إلا أننا نسعى لمشابهتها بينما هي لا تكاد تجرؤ على ذلك..!!

أي حياة هذه يا الله..؟! أي منزلق سمحت لنا أن نقع فيه..؟! غدونا ننظر إلى السماء ونحن نتساءل: ما الذي اقترفناه لنصل إلى هذا المدى من الألم والخسارات..؟! بينما بأعماقنا ما ينازعنا البوح والصراخ، ويحاول أن يقول لنا أن الله والسماء براء مما يجري لنا.. وأننا نحن ونحن فقط من يصنع هذه المصائر المغبونة أو من يشجع صانعيها دون حساب..!!

نحاول ما نستطيع أن نرتجل التغاضي عن أحوالنا، وأن نتجنب ما أتيح لنا الإكثار من مثل هذه التساؤلات، ليس لئلا ننزلق أو نقع في المحظورات وتهتز أساسات إيماننا وحسب، ولكن أيضا لئلا تدركنا مصائر من فعلوا ذلك من زملائنا وأصدقائنا فانهزمت قلوبهم باكراً  للقهر وتفجرت دماؤها أنهاراً، أو انطفأت أضواؤها كما هو حال مدائننا المنطفئة، وانكفأت أنفاسهم وكأنه لم يعد لها من متسع في الأرض ولا في السماء..!!

صرنا نعشق العزلة وكأنها قدرنا الحتمي.. لم نعد نرغب في متابعة العالم من حولنا، فالعالم يبذل جهده ليتجاوز نفسه ولحظته إلى الأفضل، ونحن مشلولون في مكاننا.. العالم يسارع خطواته إلى الأمام، بينما نحن لا خطوات لنا ولا اتجاه ولا وجهة، وإن خطونا فنجتر أنفسنا ونعدو في مساحة لا تتجاوز دواخلنا، وفي أفضل الأحوال نخالف الاتجاه لنعدو إلى الوراء..!!

مغبونون كما لو أن الغبن لم يعد له وجهة سوانا.. وقعنا لا نعلم برضى منا أو مجبرين، تحت رحمة طرفين لا يعرفان للرحمة معنى، يتجاذبان وجودنا منذ زمن طويل حتى أصبحنا في أيديهم مجرد مزق لا حول لها ولا قوة، طرفين يتنافسان في ابتكار فنون التعذيب بحقنا، ومهارات تفتيت وقتل وطن كبير، يدعي كل منهما الحرص على بقائه، وفي ذات الوقت الحق في مواراته التراب والجحود..

ويبدو أننا لشديد الأسف والحسرة سنظل في ذات المسار من الاستسلام لأقدارنا المفتعلة، والإحجام عن الانتفاض في وجه واقعنا المفروض، مع أنه واقع مزرٍ لا يتعمال مع وجودنا وحقنا في الحياة.. وسيظل الوطن معنا عرضة لكل هذا الدمار المؤسف ما دمنا نركن للمجهول، وما دامت أفواهنا مقفلة بالرهبة وأيادينا مكبلة إلى الفراغ.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية