تكنولوجيا

من أزمة للمياه إلى فرصة للابتكار: قصة تقنية تغيّر مستقبل العطش العالمي

اليمن اليوم - خاص:

|
قبل 6 ساعة و 22 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

حيث تجف الأنهار وتتناقص الموارد المائية من كاليفورنيا إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، يبرز اسم المهندس أيمن العزب، الحاصل على درجة الماجستير في الهندسة الكيميائية من جامعة فرجينيا  في الولايات المتحدة الأمريكية، كأحد العقول العربية النادرة التي جعلت من أزمة المياه العالمية قصة أمل وابتكار.
مشروعه ليس نظرياً ولا أكاديمياً فقط، بل سلسلة من حلول عملية أثبتت أن العلم يمكن أن يغيّر مصير المجتمعات، من محطات معالجة الصرف الصناعي إلى أنظمة تحلية المياه المبتكرة.

 

من مياه الصرف إلى ماءٍ نقي

بدأت رحلة العزب مع بحثه الرائد المنشور في مجلة Journal of Water Process Engineering  تحت عنوان
"مرشح مغناطيسي فائق الطرد للماء قائم على السليلوز لإزالة السوائل العضوية من مياه الصرف في بيئات معقدة".
نجح هذا الابتكار في إزالة الملوثات العضوية من المياه بنسبة تفوق 98%، مع قابلية لإعادة استخدام المرشح لأكثر من 50  دورة تشغيل دون انخفاض في الكفاءة.
ولم يكن الإنجاز نظرياً فقط، إذ حصل البحث على جائزة "البحث الأكثر تأثيراً لعام 2022" من مؤسسة "إلسيفير" العالمية.

يعتمد المرشح على مواد مغناطيسية ونانوية تسمح بفصل السوائل العضوية عن الماء حتى في البيئات المالحة أو الحمضية، ما يجعله مناسباً لتنقية المياه الملوثة في المصانع، أو لإنقاذ البحار بعد التسربات النفطية.
إنها تقنية يمكن أن تحدث فرقاً في دولٍ تعاني من نقص المياه كاليمن والسودان والعراق، حيث يمكن تشغيلها بتكلفة منخفضة ودون بنية تحتية معقدة.

 

براءة اختراع أمريكية... تجمع الماء والبرودة في جهازٍ واحد

في أكتوبر 2024، حصل أيمن العزب على براءة اختراع أمريكية رقم US20240343616A1 بعنوان "نظام تحلية بالامتزاز والاغشية الملامسة المباشرة".
الابتكار يقوم بتحلية المياه وإنتاج التبريد في الوقت نفسه وبتكلفة منخفضة - جهاز واحد يؤمّن الماء الصالح للشرب والتبريد للأغذية أو الأدوية، ما يجعله مثالياً للمناطق النائية أو المتضررة من الكوارث.

"بوحدة مدمجة واحدة يمكن للأسرة أو لفريق الإغاثة إنتاج مياه شرب وتبريد في الوقت نفسه — وهو ما قد ينقذ الأرواح في أوقات الكوارث"، يوضح العزب في حديثه عن هذه التقنية.

ووفقاً لملخص البراءة، فإن التقنية قادرة على العمل بطاقة منخفضة للغاية، وتناسب مناطق الجفاف مثل غرب تكساس ووسط كاليفورنيا، أو السواحل والجزر مثل فلوريدا وبورتو ريكو، حيث توفر الماء والتبريد في آنٍ واحد.
في القرى الإفريقية، يمكن أن تحلّ هذه التقنية محل محطتين منفصلتين، وفي مناطق الكوارث يمكن أن تكون الفارق بين الحياة والموت بتوفير الماء البارد والدواء الآمن.

وقد تم نشر هذا الابتكار في مجلة Desalination، وهي إحدى أبرز المجلات العلمية الرائدة عالميًّا في مجال تحلية ومعالجة المياه، كما تم عرض نتائجه في الندوة الأوروبية الثالثة والثلاثين لهندسة العمليات (ESCAPE-33) التي عُقدت في أثينا، اليونان، في يونيو 2023، حيث حظي بتفاعل كبير من الباحثين والمتخصصين في مجال الطاقة والمياه.

ويشير العزب إلى أن الأستاذ الدكتور نائف قاسم، أستاذ الموائع الحرارية في قسم هندسة الطيران والفضاء بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، كان له أثرٌ علميٌّ ملهم في مسيرته البحثية، حيث استفاد من خبراته وتوجيهاته في تطوير هذا الابتكار.

 

خبرة ميدانية ومشاريع على الأرض

قبل تسجيل براءة اختراعه الأمريكية، عمل العزب على مشروع بتمويل من شركة أرامكو السعودية لتطوير أنظمة ترشيح مبتكرة خفّضت كلفة المياه العذبة بنسبة 57% مع إزالة الملوثات العضوية وغير العضوية بشكل كلي.
واليوم يشرف في ولاية تكساس الأمريكية على أكثر من 30  مشروعاً لمعالجة مياه الصرف، تربط بين البحث الأكاديمي والتطبيق العملي لخدمة المجتمعات التي تعاني من ندرة المياه.

 

صوت علمي موثوق في المؤتمرات الدولية

نال أيمن تقديراً عالمياً ليس فقط كباحث، بل كمحكّم علمي في مؤتمرات دولية كبرى، منها:

  • المؤتمر العالمي الثاني للهندسة الصناعية وإدارة العمليات ، أونتاريو، كندا، أكتوبر 2025.
  • المؤتمر الأسترالي الدولي الرابع للهندسة الصناعية وإدارة العمليات، ملبورن، أستراليا، نوفمبر 2025.
  • المؤتمران الدوليّان الرابع والخامس للتقنيات الذكية الناشئة  وتطبيقاتها  (eSmarTA 2024 & 2025)

من خلال هذه المشاركات، يساهم العزب في تقييم الابتكارات العالمية وضمان جودة البحوث التي ترسم مستقبل المياه والطاقة.

 

العلم لخدمة الإنسان

يحمل أيمن العزب درجات متقدمة في الهندسة الكيميائية والبيئية، ويمتلك معرفة متخصصة في تصميم العمليات الصناعية، التحكم في الانبعاثات، وتحليل دورة الحياة البيئية.
لكن فلسفته بسيطة:

"الهندسة ليست معادلات على الورق، بل حلول تُغيّر حياة الناس."

 

نحو عالم آمن مائياً

بين الأنهار الجافة في إفريقيا والآبار المالحة في أمريكا، يقف المهندس أيمن العزب مثالاً للعالم العربي القادر على إنتاج المعرفة وتصديرها للعالم.
مشاريعه تجمع بين الذكاء العلمي والرحمة الإنسانية، وتضعه في طليعة من يعملون على تحويل الماء من أزمة إلى أمل.

في عالمٍ يزداد عطشاً، يقدّم أيمن العزب للعالم أملاً ليشرب ويبرد من المصدر ذاته.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية