لم تعد سياسة ايران التوسعية وتدخلاتها الخارجية في شؤون الدول العربية خافية على أحد، فمساعي طهران اتضحت أكثر من خلال تبنيها لميليشيا الحوثي في اليمن كجماعة وظيفية تخدم أجندتها التوسعية في المنطقة عبر استراتيجيتها الإعلامية في التعامل مع الشأن اليمني.
وتركز الاستراتيجية الايرانية في وسائل الإعلام الحوثية على استلاب العقل اليمني، وطمس الهوية الوطنية، بهدف تسهيل مهمة الإحتلال الإيراني لليمن والتغلغل في المنطقة، من خلال إبراز إيران كلاعب إقليمي ودولي وحليف استراتيجي هام، إضافة إلى تقديم رموز نظام الملالي بصفتهم أبطالاً وقادة ملهمين.
ويعمل الاعلام الحوثي الموجه، والذي يديره خبراء إيرانيون على بناء تصور إيجابي عن إيران من خلال استخدام كلمات توحي بأنها حليف استراتيجي، راعية القيم الإسلامية ورافعة القضية الفلسطينية وغيرها من المفردات التي يستخدمها النظام الإيراني، من باب التقية والتضليل الإعلامي لتحقيق مكاسب سياسية.
ويدير الخبراء الإيرانيين أكثر من 50 وسيلة إعلامية بين قنوات فضائية وصحف وإذاعات محلية، إضافة إلى عشرات المواقع الإلكترونية الإخبارية تديرها الميليشيا الحوثية بجانب قناة "المسيرة"، والتي تبث من بيروت بمساعدة حزب الله والمنضوية ضمن "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامي" الذراع الدعائية لطهران.
وتعمل هذه الوسائل على تغذية وتأجيج حدة الحرب باليمن، وذلك إثر خطابها المتطرف وتحريضها المستمر على الكراهية والعنف. فقد استعان الحوثيون بالخبرات الإعلامية التابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، في توجيه خطاب مضلل، وممارسة الحرب النفسية المختلفة وبث أساليب التفتيت المجتمعي وتخريب الفكر اليمني.
الدعم العسكري والاعلامي الذي قدمه ولايزال يقدمه نظام الملالي في إيران للميليشيا الحوثية للانقلاب على الدولة وقتل اليمنيين، ليس جديداً ولا مفاجئا ، فالعلاقة بين النظام الإيراني والميليشيا الإرهابية التي فرختها طهران في المنطقة كجماعات وظيفية لديها تمتد لمراحل تأسيس ونشأة حركة التمرد الحوثية، والحروب التي قادتها ضد الدولة منذ العام 2004، مروراً بالعام 2011 وحتى انقلابها المسلح على الدولة عام 2014 فبعد ساعات قليلة من الاجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء أعلنت إيران في وسائل اعلامها بكل بجاحة سيطرتها على العاصمة العربية الرابعة، واتخذت الأراضي الواقعة تحت سيطرة الميليشيا الحوثية منطلقا لتنفيذ أجندتها التخريبية وتصعيد الأنشطة الإرهابية واستهداف دول الجوار وخطوط الملاحة الدولية لتهديد أمن الطاقة وابتزاز المجتمع الدولي.