آراء

مجدداً.. الجباية.. نهب الشعب.. كمشروع سيادي أو حالة إدمان قاهرة

جميل العمراني

|
01:27 2023/10/21
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

كلما قلنا واعتقدنا واعتقد العامة والخاصة أن موضوع الجباية وكسر ظهر المواطن بثقلها وبتبعاتها، قد أخذ حقه من التناول والنقد والتعريض بالسلطة التي اختطفتها مليشيا الحوثيين الانقلابية، وجدنا أنفسنا مجدداً أمام ذات الموضوع، ووجدناه ما يزال من يوم لآخر يتسع ويتسع ليستوعب المزيد والمزيد من التناول والتعرية، تعرية عصابة لا تتعب ولا تمل من محاولة التظاهر في لباس التقوى والعفاف والورع.. بالرغم من عريها وانكشافها حتى أمام من لا يبصر ومن لا يسمع ومن لا يعقل..!!

كثيراً ما تم تناول هذا الموضوع الذي كشف منذ وقت مبكر السلوك الجشع لهذه العصابة إلى جانب صفتها الوحشية والمتعطشة للدماء والفوضى، وبدا وكأنه أمر أو مشروع سيادي، لا يمكن تجاوزه في بناء الدولة في فكرهم وعقيدتهم، التي تبدو لهم ناقصة ومشوهة ما لم تدر عليهم المال والمال الوفير..!!

وكثيرون جداً من طرحوا موضوع الجباية حتى ممن تمالأوا معهم وانتموا إليهم كمنتقدين أحيانا وكناصحين أحياناً أخرى.. والملفت للنظر أن قياداتهم تساير كل من انتقدهم أو نصحهم في هذا الشأن باعتباره قد يكون الثقب الذي يتسربون منه إلى خارج الوجود، وكثيراً ما تقبلوا ذلك وأيدوه وأطلقوا الوعود بتدارك الأمر، ولكن.... 
ولكن لا جديد إلا مزيد من التوغل في هذا السلوك الذي أكد ولا يزال يوكد على أنهم مجرد لصوص لا يمكن أن تذهب طموحاتهم وبرامجهم إلى أبعد من جني المال بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة..!!

لقد تحول الحال لديهم إلى حالة إدمان لم يعد ممكناً معها حتى التداوي، كما هو الحال لدى مدمني المخدرات الذين يعرفون مضارها ويعدون حتى أنفسهم بتركها والتداوي منها، ولكن...!! لقد باتت الجباية تجري مجرى الدماء في عروق مشروعهم الانقلابي الذي يعتقدون مخطئين أن تمكنه من مؤسسات الدولة وسلاحها كاف لأن يحافظ عليهم من عوادي وغوالب الزمن أو أي نوع من أنواع الرفض والمحاسبة..!!

والملاحظ بقوة أن كل حدث وكل مناسبة بل وكل يوم أيضاً لا يمكن أن يمر دون أن يخضعوه لعمليات التكييف واستدعاء المبررات لأن يكون سبباً أو موعداً لجباية المال دون وضع حدود أو اعتبارات أو حسابات، حتى في الموقف الأخلاقي والسلوكي..!!  فأية مناسبة أو لحظة يمكن أن تستدعي الجباية لا يمكن بأي حال تفويتها، بعيداً تماماً عن أية مشاعر أو مواقف قد تتخذ ضدهم.. فالمال ثم المال هو الهدف ما داموا متمكنين من الحصول عليه..!!

وفي ذلك السياق الذي يلصق العار بأي مدع لامتلاك السلطة نلاحظ مؤخراً في أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة الفلسطينية، ان هذه العصابة لم تحترم ما يسفك من دماء ويختطف من أرواح إخواننا الفلسطينيين، وهم الذين ما يفتأون يزايدون بهم وبقضيتهم واستنصاب العداوة لعدوهم الصهيوني، تظاهراً بالعدالة والقومية ونصرة المظلومين، لم يفوت مهندسو الجبايات في هذه العصابة مناسبة كهذه، فبمجرد ما اشتعلت المواجهات في غزة المقهورة، بدأوا ينظمون حملاتهم الداعية للتبرع لصالح الفلسطينيين المعتدى عليهم هناك في غزة..!!

حملات منظمة هيئ لها واصطحبت بمسيرات وتظاهرات وتبرعات صورية تدعو اليمنيين وهم في أسوأ ما يمكن أن يكون الحال، إلى دعم المقاومة الفلسطينية بالمال من إخوانهم اليمنيين، معتمدين بطبيعة الحال على ما يتميز به اليمنيون من قومية وشهامة وتسارع في النجدة.. متأكدين بذلك من أن اليمنيين لن يتساءلوا عن أية تفاصيل شكلية أو صورية حول إمكانية وكيفية إيصال تلك التبرعات بين بلدين من أكثر بلدان العالم تشهد أنظمتهما المالية رقابة وحصاراً دوليين..!!

وطبعاً لأن اليمنيين، رغم الحماسة والحمية وسرعة النجدة، لم يعودوا أولئك الحمقى وقاصري الفهم والوعي، إضافة إلى انشغالهم بهاجس الجباية الذي أصبح سلوكا للعصابة وحديثاً يومياً في الحل والارتحال، لم يصمتوا ولم يمروا مرور الكرام على موضوع كهذا، لإدراكهم أن مثل هذه الدعوات ماهي إلا صورة ابتكارية جديدة من صور الجباية التي لا تخجل العصابة في الترويج لها كلما أمكنها ذلك.. لذلك نجدهم وقد ملأوا مواقع التواصل تساؤلات واتهامات أحياناً في غاية الجدية والشكوي المباشرة وأحياناً أخرى غير المباشرة لتظهر في أشكال ساخرة وتهكمية ولكنها موجعة.. ومع ذلك....

يتبين أن العصابة قد أصبحت تتعامل مع تلك الانتقادات في مجملها وكل أشكالها المطروقة وكأنها حال من الأحوال اليومية غير المؤثرة، والتي بإمكانهم أن يتجاوزوها ما دام هناك جزء من المواطنين، ما يزال بإمكانه التفاعل ودفع المال، حتى ولو لم يكن غير أتباعهم والمومنين بهم أو الخائفين منهم،  لكفاهم ما ينهب من أولئك، بالذات التجار وأصحاب المال الذين يدفعون صاغرين خارج أراداتهم بمجرد اتصال من هذا القيادي أو ذاك.. ما لم فثمة نتيجة قد تنقلب بالوبال على كل متقاعس ومتواني..

هكذا وبهذه النذالة اللصوصية تتعامل العصابة الحوثية مع المواطنين الموجودين تحت سلطتها المسروقة، وهكذا تطور آليات الجباية القاهرة في أسلوب لا يمكن وصفه بأقل من الاستغلالية البشعة للسلطة وللسلاح وهما نقطتا الغلبة اللتان يقهرون بهما اليمنيين، غير مبالين بما يعيشه الوطن وأبناؤه من قهر وفقر لم يكونا ليحدثا لو لم تكن هذه العصابة موجودة وقاهرة وغالبة..!

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية