آراء

رواتب الموظفين.. من أهمية قصوى إلى موضوع مزايدة

جميل العمراني

|
03:52 2024/02/22
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

كلما لاح حديث أو شائعة حول إمكانية صرف رواتب الموظفين، حتى كمساعدة من دولة شقيقة، تصدر الحوثيون من جهة للموقف في وسائل إعلامهم التي صارت تستفرد بالبث في مناطق نفوذهم، محاولين إيهام الشعب اليمني بكونهم من يقف وراء تلك المبادرة،وأنه لولا ضغوطهم ومطالباتهم، لم يكن هناك حديث عن هذا الموضوع.

 بينما تدل الأنباء في كل مرة يشيع هذا الكلام على أن الجماعة في العادة هي من تضع الشروط المعرقلة لصرف المرتبات، وأبرز تلك الاشتراطات أن تكون عملية الصرف بإدارة مطلقة من قبلهم.. وهو اشتراط لا تحتاج معرفة أسبابه إلى ذكاء مفرط مع الإجماع على أننا إزاء جماعة نهابة صار إيراد المال شغلها الشاغل، وأصبح اليمنيون مع طمعها وجشعها البالغ يعانون الفقر والجوع وعدم القدرة على مواجهة ظروف ومتطلبات الحياة في أدنى مستوياتها..!!

 

من جانب آخر ما إن يلوح في الأخبار شيء عن دفع الرواتب، حتى تشتغل دوائر العصابة الحوثية بتوجيهات عليا من قياداتها على كشوفات الرواتب في مختلف الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية، وتتردد أنباء حول أنه قد تم إحلال الآلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من الأسماء التابعة لهم بدلاً من أسماء الموظفين الذين كانت تحتوي عليها كشوفات الحكومة الرسمية حتى العام ٢٠١٤م، وأنهم كثيراً ما تحدثوا ويتحدثون حول اشتراط جديد لصرف الرواتب، وهو القبول بالكشوفات التي يقدمونها هم، وذلك في مواجهة ورداً على اشتراط الشرعية الصرف حسب كشوفات الحكومة للعام ٢٠١٤م، أي قبل حصول انقلاب الجماعة وسيطرتها على مؤسسات الدولة، وتخلصها المشين من الكثير من الكوادر والأسماء الوظيفية واستبدالها بأسماء وكوادر تابعة لها..

عموما فإن الحديث عن رواتب الموظفين حديث له من الشجون والآثار ما يستجلب الحزن والأسى، والغريب أن أطراف الصراع في اليمن وبالتحديد طرفا الشرعية والانقلاب، ليس لديهم من الجدية ما يكفي لأن يعطي اهتماماً جديا لهذا الموضوع الحساس جداً.

 ويلاحظ الجميع أن تكرار طرحه ثم المراوغة في تنفيذه صار أمراً معتاداً من قبل الطرفين، وأبرز ما يلمسه الناس من قبل الطرفين، بخصوص هذا الموضوع على شدة أهميته، هو المزايدة به وتبني طرحه ووضعه ضمن اشتراطات كل طرف، بينما تثبت التداعيات والنتائج دائماً أن كلا الطرفين لم يعودا راغبين في تنفيذه، لأن اشتراطات كل طرف تؤدي إلى عدم استفادة الطرف الآخر من تنفيذه..!!

وهذا للأسف الشديد مما يؤكد على أن أطراف الصراع لا تبالي بشيء مالم يصب في مصلحتها ضد مصلحة الآخر، وأن مصالح ومعاناة معظم أبناء الوطن، بما فيها صرف رواتب الموظفين، لا تمثل أساساً في نهجهما وإنما فروعاً ثانوية قد يمكن التنازل عنها وعزلها جانباً إذا ما تطلب الأمر ذلك..!!

وللأسف الشديد لم يعد هناك أحد لا يعرف هذه الحقيقة المرة حول هذا الموضوع على الأهمية الكبرى التي يمثلها.

لقد صار التعامل مع قضية صرف الرواتب بانتهازية قذرة، يفترض ألا تغفر لمن يقف وراء جعلها هامشاً وقضية ذات اهتمام ثانوي لا تكاد تذكر هنا أو هناك.

 علماً أن قطاعاً كبيراً من أبناء الشعب كانوا يعتمدون على الراتب كدخل أساس لمعيشتهم، فإذا افترضنا تقريبا أن عدد موظفي الدولة مليون موظف على الأقل، فإن ذلك يعني أن الرواتب كانت تعيل ما يقرب من عشرة ملايين مواطن، ثم أن توقف صرفها قد أثر بشكل كبير على ما يقارب عشرة ملايين مواطن آخرين كانت معيشتهم تتوقف على استمرار الصرف، إضافة إلى أن صرف الرواتب كان واحداً من أهم أسباب انتعاش دورة المال وتحريك وتنشيط العمل الاقتصادي، الذي تهاوى بشكل مخيف حتى قارب درجة الصفر واستقر فيها..!!

 

عموما وكما بدأنا في مطلع هذا المقال فإن الحديث عن موضوع صرف الرواتب وأهميته وأسباب ونتائج عدم تحققه، حديث ذو شجون ومن الأهمية بمكان، بحيث أنه لو كشف وتم الخوض والبحث فيه بحيادية مطلقة، سيتأكد لنا أن القوى التي تتصارع اليوم في اليمن، قوى انتهازية، تضع مصالحها الخاصة في مقدمة الاهتمام، بينما تكتفي بالحديث عن مصالح الشعب وإن كانت ضرورية ومصيرية، فقط للمزايدة وتوجيه الضربات المتبادلة فيما بينها، مع علم الجميع أنه لو تم إثارة هذا الموضوع إثارة جدية، بالنظر إلى ما صار إليه حال اليمنيين اليوم من فقر وعوز وحاجة، لقلب الطاولة في وجه الجميع ولتسبب ذلك في أن يصبحوا جميعاً نسياً منسياً وغبار لحظة حسم لن تكون عسيرة على الشعب إذا ما انتهى وتلاشى منسوب الصبر وحانت لحظته الحاسمة.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية