تتواصل فضائح الفساد داخل مؤسسات الدولة الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، حيث كشف تسجيل مرئي لرئيس قسم الدعم الفني في الهيئة العامة للبريد بصنعاء، المهندس ريدان الرحبي، عن اختلاس ما يزيد عن سبعة مليارات ريال من أموال الهيئة من قبل مسؤولين تابعين للجماعة.
وقال الرحبي في الفيديو، الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنه قدّم بلاغات رسمية للجهات المختصة حول عمليات نهب ممنهجة لأموال البريد، إلا أن ردّ قيادة الهيئة الخاضعة للحوثيين كان إحالته إلى مجلس تأديبي بدلاً من التحقيق في قضايا الفساد التي كشفها.
وأوضح الرحبي أن هذا الإجراء يعكس نفوذ القيادات المتورطة داخل الجماعة، والتي تستخدم مواقعها للاستيلاء على المال العام دون رادع، مضيفًا أنه اضطر إلى كشف القضية للرأي العام بعد تجاهل الجهات الرسمية لبلاغاته.
وفي لهجة ساخرة، دعا الرحبي المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع إلى إصدار بيان ضد من أسماهم “يهود الداخل”، في إشارة إلى ازدواجية الجماعة التي ترفع شعارات “الموت لإسرائيل” بينما تمارس النهب والفساد بحق اليمنيين، على حد تعبيره.
وتُعد الهيئة العامة للبريد من المؤسسات الحكومية التي كانت تحظى بسمعة مهنية جيدة لعقود، وحققت نجاحات كبيرة في تقديم الخدمات البريدية والمصرفية، أبرزها خدمة التوفير البريدي التي وفرت فرص ادخار للمواطنين ومولت مشاريع صغيرة، إلى جانب خدمات الحوالات وتسديد الفواتير وانتشار فروعها في مختلف المدن.
غير أن سيطرة الحوثيين على صنعاء منذ عام 2014، حولت الهيئة – بحسب مراقبين – إلى بؤرة للنهب والفساد، بعد أن كانت من أبرز المؤسسات الإيرادية الموثوقة. وتأتي هذه الفضيحة ضمن سلسلة من قضايا الفساد المالي التي طالت مؤسسات أخرى في مناطق سيطرة الجماعة، في وقت تواصل فيه الميليشيا الامتناع عن صرف رواتب موظفي الدولة للعام العاشر على التوالي، مكتفية بنصف راتب هزيل لا يغطي أبسط احتياجات المعيشة.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن استمرار هذا النهب المنظم وتجميد دور الأجهزة الرقابية – مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد – أدى إلى انهيار منظومة الشفافية والمساءلة، وتوجيه موارد الدولة لتمويل الحرب والأنشطة الطائفية بدلاً من تحسين معيشة المواطنين.