تصاعد مؤخرًا خطر الهجمات المتجددة للحوثيين على الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، بالتزامن مع الوضع الهش للهدنة في غزة.
ففي 19 يناير الماضي، أعلن الحوثيون أنهم سيوقفون الهجمات على السفن الأمريكية والبريطانية شريطة استمرار الهدنة بين إسرائيل وحماس.
ومنذ إعلانهم، انخفضت أقساط التأمين على عبور البحر الأحمر، ولم تُسجل أي هجمات. ومع ذلك، تظل شركات الشحن الكبرى، بما فيها شركة "ميرسك"، حذرة بشأن استئناف خدمات الشحن بالكامل في المنطقة بسبب الطبيعة غير المستقرة للهدنة، على الرغم من عودة محدودة للشحن مثل ناقلات الغاز الطبيعي المسال، التي عادة ما تنطوي على تكاليف تأمين أعلى.
في ظل هذه التطورات، دأب الحوثيون في تجديد ترسانتهم من الصواريخ والطائرات المسيّرة، من خلال الحصول على أسلحة من موردين خارجيين.
وفي 28 يناير الماضي، اعترض خفر السواحل الأمريكي سفينة كانت تحمل مكونات صواريخ وطائرات مسيرة إيرانية مخصصة للحوثيين. وبعد ذلك، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات مرتبطة بمساعي الحوثيين في التوريد، مستهدفة شخصيات رئيسة داخل الجماعة.
ويرتبط ارتفاع المخاطر إلى حد كبير بالوضع المتوتر في غزة، حيث انتهت المرحلة الأولى من الهدنة دون التوصل إلى مفاوضات لاتفاقيات لاحقة.
وقد جرى رفض خطة إعادة الإعمار المقترحة من قبل جامعة الدول العربية لغزة بسرعة من قبل كل من إسرائيل والولايات المتحدة، مما زاد من التوترات. وقد ترافق هذا الرفض مع تحركات عسكرية كبيرة من قبل الولايات المتحدة، بما فيها طوفان لطائرة بي-52 بالقرب من غزة.
وتعمل الدول العربية على التنقل في مشهد دبلوماسي معقد، إذ توازن علاقاتها مع الولايات المتحدة في حين تتعامل أيضًا مع خصوم مثل إيران.
وتحافظ دول مثل مصر والسعودية وعُمان على درجات متفاوتة من العلاقات مع كل من الولايات المتحدة وإيران، ويعمل كل منها على تهدئة الدعم الشعبي لفلسطين، خاصة بعد رفض اقتراح جامعة الدول العربية.
أما بالنسبة للدول الأصغر والأقل استقرارًا، فتشكل هذه الموازنة الدبلوماسية تحديات كبيرة، وقد تجسد الرحلات الأخيرة لسلاح الجو الملكي إلى الأردن هذه التعقيدات.
تنشأ مخاطر كبيرة من الضغط الدبلوماسي الحالي المحيط بقطاع غزة تتمثل بزيادة الاضطرابات داخل الدول العربية وإمكانية استئناف هجمات الحوثيين على مسارات الشحن.
وكلا السيناريوهين يشكلان تهديدات للاستقرار الإقليمي والاقتصادات، خصوصًا ما يتعلق بتأثيرها على الإمدادات النفطية والغازية. وتزداد هذه التهديدات تعقيدًا بسبب الوضع الهش لإيران، حيث أن عدم الاستقرار في المنطقة قد يكون له تداعيات أوسع.
ونظرًا للتقلبات هذه، فمن المحتمل أن تقوم شركات الشحن الكبرى باتخاذ قرارات حكيمة لتجنب العودة إلى أعمالها في البحر الأحمر في الوقت الحالي.