آراء

المصالحة السعودية الايرانية تعجل بإطفاء حرائق طهران

أبو بهاء الصليحي

|
12:08 2023/03/13
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

هل فعلتها الصين؟ ام فعلتها السعودية؟ ام فعلتها ايران؟ سؤال تداعى الى الأذهان عقب التصالح المفاجئ بين الجارتين اللدودتين الرياض وطهران، واتفاقهما على اِطّراح الصراع والسلاح جانبا؛ والعودة الى الحوار والجوار، وسط تساؤلات ايضا حول مصير المشاورات الجارية في مسقط بين الرياض ومليشيا الحوثي عقب هذا التطور.

ما أحدثه اتفاق السعودية وايران من ردود افعال مدوّية اقليميا وعالميا يؤكد ان الحدث ليست صفقة تجارية او مجرد تبادل مصالح او فتح سفارات مغلقة، بل متعلق بمصير شعوب عربية بأسرها ومنطقة برمتها انقلبت احوالها من الاستقرار والنماء والتحولات الديمقراطية؛ الى الفوضى والخراب والحرائق منذ بداية الألفية الجديدة، بسبب تصادم أجندات اقليمية ودولية؛ وأطماع تتسابق لتغطية الفراغ القيادي الذي تعيشه المنطقة العربية منذ رحيل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر وتراجع مشروعه القومي الكبير.. فراغ مغري؛ سمح لقوى امبريالية قديمة كإيران وتركيا بالنفاذ من شقوق المنطقة وخلافاتها الى قلب دولها؛ عبر جماعات ارهابية متطرفة وكيانات وظيفية تم تفريخها وأدلجتها ودعمها تسليحا وتمويلا لتنفيذ اجندات توسعية لا علاقة لها بدينٍ او مَظلمةٍ او صراع صهيوامريكي، بقدر مالها علاقة بثروات منطقة وأطماع جيو بوليتيكية. فهل جاء اتفاق الجارتين ليؤكد هذه الحقيقة دون مواربة؟
المتتبع لخيوط الاتفاق يدرك جيدا ان ايران هي من سعت بكل قوة لكسب الجانب السعودي والتودد له طيلة سنوات القطيعة، لجره الى مصالحة تحتاجها بشدة؛ مستخدمة علاقاتها المؤثرة  بالعراق وعُمان والصين وروسيا، فضلا عن استخدام الورقة الحوثية لتهديد نفط السعودية كضغوطات ايرانية لا أكثر، بعد ان تزايد التفاف حبل العقوبات حول رقبتها وضاق الخناق الدولي بها وباتت قاب قوسين من حرب اسرائيلية تحالفية دولية ستكون اسوأ من حربها العبثية مع العراق في الثمانينات، بسبب تدخلاتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وطموحاتها النووية الخبيثة، واصرارها على لعب دور اقليمي ودولي مؤثر اتضح لها اليوم انه اكبر من قدرة عمائمها المتخلفة وفكرها الطائفي المخالف لسنن الكون ومنطق العصر، حيث الثقافة العرقية المقيتة التي لا ترى أحدا أحق بحكم الناس من سلالتها الخُنفشارية.
هو اتفاق طال انتظاره إذن ، لإنهاء تدخلات مدمرة لم تجلب للمنطقة بناءً او تنمية او تكنولوجيا أو مصالح او حتى اختراعا واحداً يخدم الانسانية بقدر ما جلبت تناحرا وجرحا لن يندمل بسهولة، للعراق واليمن وسوريا ولبنان؛ وحاولت ان تمد خرابها الى البحرين والشمال السعودي والامارات ومصر والسودان وغيرها بذريعة حماية الشيعة، لولا انها وجدت حائطا صلبا بتر اذرعتها هناك.
يكفي هذه الاتفاقية المعمدة بثقل صيني ان بنودها والتزاماتها هي إدانة وفضحٌ لدور ايران في حرائق المنطقة واعتراف بتدخلاتها، ورسالة لأذرعها الحوثية والشيعية بأنها مجرد ريبوتات مُسيرة يحركها الريموت الايراني متى شاء لخدمة اطماعه فقط وسيوقفها متى شاء.. ويكفي هذ الاتفاق ايضا انه سيجبر ايران على قطع أذرعها العابثة في المنطقة، لتترك العرب وشأنهم؛ يتدبرون حاضرهم ومستقبلهم بعيدا عن لعناتها.. ومن كان يزايد على صراع عربي صهيوني فالطريق الى ايلات والقدس معروفة للعالم كله، ليست صنعاء ولا دمشق، ولا بغداد او الرياض.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية